قرنية العين الطبيعية، نسيج شفاف شبه كروي يسمح بنفاذ الضوء إلى داخل العين ويقوم بتجميع الضوء، وتحتفظ القرنية على مدى الحياة بشكلها الكروي، وعلى الرغم من تعرضها لعوامل داخل العين مثل ضغط السوائل الموجودة داخل العين، وعوامل خارج العين مثل الضغط الخارجي من دعك أو فرك، إلا أنها تبقى محتفظة بالشكل نفسه، وبالتالي تؤدي الوظيفة نفسها بكفاءة.وتعتبر القرنية المخروطية أحد الأمراض الشائعة في بلادنا، وهي تصيب فئة عمرية حساسة، هي فئة الشباب، فتمنعهم من ممارسة حياتهم بحرية، بل ربما منعتهم من الالتحاق ببعض المهن التي تحتاج إلى حدة إبصار كاملة.
القرنية المخروطية
هناك نسبة من البشر ـ ولأسباب غير معروفة ـ تكون أنسجتهم رخوة وضعيفة وتتمدد مع الزمن، وبالتالي تفقد القرنية قدرتها على تجميع الضوء، مما ينتج عنه ضعف في مستوى الرؤية.
ويبدأ تمدد القرنية عادة في سن البلوغ وقد يكون التمدد بسيطا، وقد لا يلاحظ المريض أي أعراض عدا بعض المشكلات في الرؤية الليلية وبالذات القيادة ليلا، ثم يزداد التمدد فيحتاج المريض إلى لبس النظارة، ولكنه يلاحظ بعد فترة من الوقت أن مقاس النظر يتغير باستمرار، وأن كل طبيب عيون يعطيه وصفة مختلفة، بل إن الأمر يصل إلى أن الرؤية حتى مع النظارة ليست بجيدة.
في هذه المرحلة يتم اكتشاف المرض حيث يبين التصوير الطوبوغرافي للقرنية وجود تغيرات تؤكد تشخيص المرض، ولكن المرض قد لا يتوقف عند هذه المرحلة، ففي نحو 20 في المائة من المرضى تستمر القرنية في التمدد حتى تصبح الرؤية ضعيفة جدا، ولذلك قد يضطر الطبيب في هذه المرحلة إلى استخدام العدسات الصلبة وذلك لإجبار القرنية على أخذ الشكل القريب من الطبيعي.
وقد يتمتع المريض برؤية جيدة بعد لبس العدسات الصلبة تمكنه من الرؤية بوضوح، ولكن، خاصة في بلادنا وبسبب قسوة المناخ، فإن هناك نسبة لا يستهان بها من المرضى لا تستطيع مواصلة لبس العدسات الصلبة.
ونقطة الضعف الأخرى بالنسبة للعدسات أنها لا تمنع تقدم المرض، فبعض المرضى يستمر تقدم المرض لديهم على الرغم من لبس العدسات، وقد ينتج عن ذلك تكون بياضات (سحابات) وسط القرنية تسبب نقصا شديدا في الرؤية، وعند هذه المرحلة لا يصبح لدينا خيار سوى زراعة القرنية.
أهم الطرق المستخدمة في تشخيص هذا المرض:
1ـ قياس درجة تحدب القرنية (Placido Topography):
تقوم فكرة هذا النوع من الأجهزة على دراسة الشكل الأمامي للقرنية وقياس درجة تحدبه، فإن كانت هناك زيادة غير مألوفة في درجة التحدب أو اختلاف في مقدار التحدب بين الجزء العلوي والجزء السفلي من القرنية، فإن الشك في وجود قرنية مخروطية يصبح مبررا.
وهذه الأجهزة تقوم بتسليط دوائر مضيئة على سطح القرنية ثم التقاط الصورة المنعكسة على سطح القرنية لهذه الدوائر وتحويلها إلى قياس للتحدب وإعطاء كل قياس درجة لون (الألوان الباردة، الأخضر والأزرق، للقياسات الصغيرة والألوان الساخنة، البرتقالي والأحمر، للقياسات العالية) ثم تحويل كل ذلك إلى رسم يسمى التصوير الطوبوغرافي للعين.
ويعتبر هذا النوع من التصوير الطوبوغرافي من أقدم الوسائل المستخدمة في تشخيص القرنية المخروطية ولذلك تم تطوير عدد من المعايير (Keratoconus Indices) التي إن وجدت فإن احتمال وجود القرنية المخروطية يكون أكبر، وهذه المعايير تجاوزت أكثر من 20 معيارا وكثير منها تم بحيث يقوم الحاسب الآلي بقراءة الصورة وإعطاء تقرير مبدئي بأن المريض يعاني من اشتباه قرنية مخروطية من عدمه.
2ـ قياس ارتفاع القرنية (Elevation Based Topography):
تقوم فكرة هذه الأجهزة على استخدام طريقة في تصوير القرنية تسمى (كاميرا الشومفلوك) حيث وجد أن تسليط الضوء على شكل شق ضيق ثم التقاط الصورة من زاوية مائلة قد يمكننا من دراسة أبعاد المادة المصورة بصورة أدق، وهذا بالضبط ما تفعله هذه الأجهزة بعد تسليط الضوء على القرنية، حيث تقوم الكاميرا بالتقاط الصور، فتكون لدينا صورة للجزء الأمامي للقرنية والجزء الخلفي، وبالتالي يمكن دراسة شكل الجزأين الأمامي والخلفي، ويمكن أيضا معرفة سماكة القرنية بينهما.
هذا النوع من التصوير الطوبوغرافي يعتبر أحدث من التصوير الطوبوغرافي بالطريقة الأولى التي سبق ذكرها «بلاسيدو» وهناك جدل بين الخبراء في أيهما أفضل، وحتى يحسم هذا الجدل، فكثيرا ما يحتاج الطبيب لإجراء كلا النوعين من التصوير للوصول إلى تشخيص دقيق.
3ـ قياس تماسك القرنية (Corneal Hysteresis):
تقوم فكرة هذه الأجهزة على أن أنسجة القرنية المخروطية أقل صلابة وتماسكا من القرنية الطبيعية، وبالتالي فإن قياس تماسك القرنية قد يساعدنا في الوصول إلى التشخيص الدقيق، وللأسف فإن وجود تداخل بين قراءات التماسك بين الشخص الطبيعي والشخص المريض حد كثيرا من فوائد هذه الأجهزة على الرغم من منطقية الفكرة التي قامت عليها.
4ـ قياس الانحرافات الانكسارية المعقدة (Wave Front Analyzer):
تقوم فكرة هذه الأجهزة على أن اختلال شكل القرنية المخروطية يؤدي إلى زيادة في الانحرافات الانكسارية المعقدة (High Order Aberrations) وهي انحرافات دقيقة تقاس بالميكرونات وتسبب انخفاضا في جودة الرؤية، وأن زيادة هذه الانحرافات، وبالذات نوع معين منها على شكل علامة الفاصلة (Coma)، لأكثر من نصف ميكرون قد يكون علامة على وجود القرنية المخروطية.
5ـ تحليل مجموعة من العوامل: تقوم فكرة هذه الطريقة على تحليل مجموعة من العوامل التي إذا تغيرت زاد احتمال حدوث القرنية المخروطية معها مثل: السن، ومستوى النظر، وجودة النظر، والإستيغماتيزم، ووجود فروق في تصوير القرنية، حيث يتم جمع كل هذه العوامل والخروج بتوصية محددة بناءا على مجموع هذه العوامل .. هل المريض يعاني من قرنية مخروطية أو اشتباه قرنية مخروطية، أو قرنيته طبيعية، وللدكتور راندلن من الولايات المتحدة الأميركية عمل مميز في هذا المجال يعرفه المختصون.
وبعد أهم طرق تشخيص القرنية المخروطية، سوف نتطرق في الأعداد المقبلة إلى طرق علاج القرنية المخروطية المختلفة.
ولكن، وباختصار شديد نستطيع أن نقول إن الكروس لينكنغ (Corneal (Cross Linking هو علاج ضوئي كيميائي يهدف إلي تماسك القرنية وزيادة صلابتها، وهو العلاج الأحدث والأكثر أمانا للقرنية المخروطية المبكرة.
هناك شريحة صغيرة من مرضى القرنية المخروطية قد يستفيدون من العلاج بالحلقات، وبالتالي فهي تجنبهم مخاطر وتعقيدات زراعة القرنية فـ«بعض الشر.. أهون من بعضه».
حقائق.. عن القرنية المخروطية
- تمدد القرنية لتتحول من الشكل الكروي إلى الشكل المخروطي.
- تصيب شخصا من كل 2000 شخص وبعض الدراسات الحديثة تقدرها بشخص من كل 500.
- تبدأ القرنية المخروطية عند البلوغ وتتوقف عادة عن التمدد بعد سن الأربعين.
- تصيب القرنية المخروطية الإناث أكثر مما تصيب الذكور